استقالة رئيسة جامعة هارفارد بعد اتهامات بمعاداة السامية وسرقات أدبية

كلودين غاي تُعد أول شخص أسود يتولى رئاسة الجامعة العريقة

استقالة رئيسة جامعة هارفارد بعد اتهامات بمعاداة السامية
استقالة رئيسة جامعة هارفارد بعد اتهامات بمعاداة السامية

قدمت رئيسة جامعة هارفارد، كلودين غاي، استقالتها من منصبها بعدما تعرضت لهجوم حاد وانتقادات بسبب شهادتها في الكونغرس الأمريكي حول معاداة السامية إلى جانب ادعاءات بأنها قامت بسرقة بعض أعمالها الأكاديمية، لتحقق رقماً قياسياً لأقصر فترة رئاسية شهدتها الجامعة العريقة.

استلمت غاي منصب رئيس الجامعة في يوليو 2023، ولم تمر سوى فترة قصيرة قبل أن يأتي شهر أكتوبر بموجة من الإنتقادات التي كلفتها في النهاية منصبها، وقالت غاي في بيان استقالتها : “بحزن كبير ولكن بحب عميق لهارفارد، أكتب لأقول لكم إنني سأستقيل من منصب الرئيسة. لم يكن هذا قرارًا توصلت إليه بسهولة”.

بعد مناقشة الأمر مع مجلس إدارة الجامعة، قالت غاي: “عندما تُذْكَر رئاستي القصيرة، آمل أن يُنظَر إليها على أنها لحظة للاستيقاظ على أهمية السعي لإيجاد إنسانيتنا المشتركة، وعدم السماح للحقد والانتقاد بتقويض العملية الحيوية للتعليم”.

اقرأ أيضًا: في ظلال بيروت: قصص المعاناة والواقع المرير على أطراف العاصمة الصاخبة

اتهامات بمعاداة السامية

تعينت غاي رئيسةً لجامعة هارفارد في بداية يوليو خلفًا للورانس باكاو، لتصبح الرئيس الثلاثين للمؤسسة. وتعتبر أول شخص أسود يتولى قيادة الجامعة العريقة وثاني امرأة تشغل هذا المنصب. تولّت غاي، البالغة من العمر 55 عامًا، منصب الرئاسة بعد أن شغلت منصب عميد كلية الآداب والعلوم في هارفارد.

كانت جامعة هارفارد أول المؤسسات التعليمية الأمريكية الكبرى التي تشهد موجةً كبيرة من الجدل عقب الحرب على غزّة بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023. فقد أثارت رسالةٌ موقّعة من عشرات المنظمات الطلابية غضبًا واسعًا، إذ ألقت هذه الرسالة اللوم على إسرائيل في الهجوم الذي أودى بحياة العديد من المدنيين الفلسطينيين.

اشتعلت النيران في أوساط الغاضبين من الإدارة الجامعية لتقاعسها عن إدانة الرسالة والهجوم على إسرائيل. وردت رئيسة الجامعة السابقة، كلودين غاي، في رسالة بتاريخ 10 أكتوبر: “في حين يحق لطلبتنا التعبير عن أنفسهم، لا تتحدث أي مجموعة طلابية، ولا حتى 30 مجموعة، باسم جامعة هارفارد أو رئاستها”.

لم يُخمِد هذا الرد حجم الاتهامات التي أشارت إلى أن هارفارد وجامعات أخرى أصبحت بؤرةً لمعاداة السامية.

وفي حدثٍ لم يلفت الانتباه كثيرًا آنذاك، تواصلت صحيفة “نيويورك بوست” مع جامعة هارفارد بشأن مزاعم عن سرقةٍ أدبية ارتكبتها غاي، إلا أن هذه الواقعة لم تحظ بالاهتمام العام في ذلك الوقت بسبب اشتعال الجدل حول قضية معاداة السامية، ولكنها لم تتلاشى بعيدًا، حيث شكلت مؤسسة هارفارد لجنةً مستقلةً للتحقيق في مزاعم السرقة الأدبية في نوفمبر من العام الماضي.

تفاقمت اتهامات معاداة السامية ضد هارفارد مع إعلان مكتب الحقوق المدنية في وزارة التعليم الأمريكية عن فتح تحقيق في هذه القضية. جاء الإعلان عن التحقيق قبل أيام قليلة من جلسة استماع مقررة لغاي أمام الكونغرس لمناقشة معاداة السامية في الحرم الجامعي.

اقرأ أيضًا: من الشرق إلى الغرب: أصوات المشاهير تتعالى تضامنًا مع فلسطين

وشهد ديسمبر الماضي نقطة تحول كبيرة بالنسبة إلى غاي، إذ حضرت برفقةً رئيسي جامعة بنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لحضور جلسة استماع أمام الكونغرس لتلقي ردهم حول معاداة السامية في الحرم الجامعي، والتي نالت اهتمامًا عالميًا كبيراً، فبعد أن سألت النائبة إليز ستيفانيك الرؤساء الثلاثة عما إذا كانت الدعوة إلى الإبادة الجماعية للشعب اليهودي تُعتبر مضايقة في جامعاتهم. أجاب كلٌ منهم أن ذلك يعتمد على السياق. وفي حين أكد خبراء حرية التعبير أن الإجابات صحيحة قانونيًا، إلا أنها لم تلقَ قبولًا لدى الرأي العام. وأدان صانعو القوانين من مختلف الأطياف في الكونغرس، بالإضافة إلى البيت الأبيض، ردود الرؤساء، وارتفعت الأصوات المطالبة باستقالتهم.

على جانب آخر، أعلن مجلس النواب الأمريكي عن فتح تحقيق في ثلاث جامعات أمريكية كبرى في 7 ديسمبر الماضي، حيث يراجع التحقيق سياسات التأديب والبيئة التعليمية في هذه المؤسسات.

اعتذرت غاي، في مقابلة اجرتها اليوم التالي مع صحيفة طلاب الجامعة، مؤكدة على أنه “لا مكان على الإطلاق في هارفارد لدعوات العنف ضد المجتمع اليهودي، ولا للتهديدات التي يتعرض لها طلابنا اليهود، ولن تمر دون رد أبداً”.

أصدر مجلس إدارة جامعة هارفارد لاحقًا بيانًا يدعم بقاء كلودين غاي رئيسةً للجامعة، مع الإشارة إلى موضوع الاستماع حول معاداة السامية والمخاوف بشأن السرقة الأدبية.

استقالة رئيسة جامعة هارفارد بعد اتهامات بمعاداة السامية
غاي أمام الكونغرس لمناقشة معاداة السامية في الحرم الجامعي

مزاعم السرقة الأدبية

كشف بيان عن تلقي شكاوى عن سرقة أدبية ضد غاي في أكتوبر الماضي وبدء مراجعة مستقلة لبحوثها. أوضح المجلس أن المراجعة لم تبرهن على انتهاك معايير الجامعة بشأن سوء السلوك البحثي، لكن غاي ستقوم طوعًا بتعديل أربع مقالات لتصحيح استشهادات ونصوص مقتبسة غائبة في النسخ الأصلية. وفي نفس الفترة، وقع مئات من أعضاء هيئة التدريس بجامعة هارفارد عريضة تدعم استمرار غاي في منصبها.

استمرت المجموعات المحافظة في المطالبة باستقالة غاي والتحقيق في عملها. وردًا على ذلك، اكتشفت جامعة هارفارد حالاتٍ إضافية لعدم توضيح الاستشهادات تتطلب من غاي معالجتها في رسالتها للدكتوراه لعام 1997، والتي لم تشملها المراجعة الأولى.

أعلن مجلس النواب أيضاً في نفس اليوم عن فتح تحقيق آخر في جامعة هارفارد بسبب مزاعم السرقة الأدبية، وطلب الاطلاع على مراسلات الجامعة بشأن الموضوع وكيفية تعاملها معه لو كان يخص أحد أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب، ولكن غاي أعلنت استقالتها في النهاية وسط اضطرابات داخلية، وهو القرار الذي لقي ترحيبًا من الكثيرين الذين طالبوا به لشهور.

نشرت النائبة إلسي ستيفانيك على X بعد إعلان جاي: “تعلم جامعة هارفارد أن هذه الاستقالة القسرية التي طال انتظارها للرئيسة المعادية للسامية هي مجرد بداية لما سيكون أكبر فضيحة لأي كلية أو جامعة في التاريخ.”

أعلنت مؤسسة هارفارد في رسالة أن آلان جاربر، الذي يشغل حاليًا منصب عميد الجامعة وكبير المسؤولين الأكاديميين، سيصبح رئيسًا مؤقتًا حتى تختار الجامعة رئيسًا جديدًا. وقالت المؤسسة: “نحن محظوظون لامتلاكنا شخصًا يتمتع بخبرة آلان الواسعة والعميقة وقراره الحاسم وأسلوبه التعاوني، ومعرفته المؤسسية الاستثنائية للمضي قدمًا في الأولويات الرئيسية وتوجيه الجامعة خلال هذه الفترة المؤقتة”.

وأوضحت هارفارد أيضًا أن عملية البحث عن رئيس جديد “ستبدأ في الوقت المناسب”، لكنها لم تحدد جدولاً زمنيًا دقيقًا.

علي يونس
+ posts
© 2024 SOUL ARABIA. ALL RIGHTS RESERVED

Subscribe now to get notified about exclusive offers from Soul Arabia every week!