صوت رخيم، وأداء حقيقي صادق، ترك في كل دور بصمة مميزة لا مثيل لها، واستطاع أن يمده بالحياة، فلا يمكن أن ننسى الضابط محسن ممتاز في مسلسل “رأفت الهجان”، أو شخصية سلامة فراويلة في مسلسل “المال والبنون”، بالإضافة إلى الأدوار السينمائية البارزة مع كبار الفنانين، في أفلام مثل “زقاق المدق”، و”في بيتنا رجل” و “ميرامار”، و “حمام الملاطيلي”. ظل الفنان الكبير يوسف شعبان يُضفي من جمال موهبته المتفردة على الفن حتي أُسُدلت الستار على حياته، ليغادر عالمنا في 28 فبراير 2021، عن عمر يناهز 90 عاماً، ومسيرة فنية حافلة مدتها 60 عاماً.
توفي يوسف شعبان متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، بينما آخر مرة وقف فيها أمام الكاميرات كانت من أجل تصوير دوره في مسلسل “عش الدبابير” الذي من المفترض عرضه في رمضان المقبل، لم يتمكن من إستكمال باقي مشاهده ولكنه ترك أكثر من 250 عملاً فنياً هاماً أثرى بهم مسيرته وأسعد جمهوره بآداء قوي ومؤثر.
ولد يوسف شعبان في حي شبرا بالقاهرة، وكان والده مصمم إعلانات شهير، وكان يريد الالتحاق بكلية الفنون الجميلة بسبب تفوقه في مادة الرسم، وهو ما رفضته عائلته، حيث خيرته بين كلية الشرطة أو الحربية، ونتيجة للضغط الشديد عليه قرر الالتحاق بالحربية ولكنه أسقط نفسه في الاختبارات، والتحق بكلية الحقوق، وهناك تعرف على أصدقاءه الفنانين كرم مطاوع وسعيد عبد الغني، ومن ثم قرر بناء على نصيحة منهم الانضمام لفريق التمثيل في الكلية، ثم قدم أوراقه اعتماده في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه في عام 1962.
بدأت مسيرة الفنان يوسف شعبان في السينما بتقديم أدوار صغيرة، كان أولها من خلال فيلم “في بيتنا رجل” عام 1961، ومن بعدها توالت أعماله السينمائية التي تعدت 110 فيلم، أهمهم “معبودة الجماهير” و “الثلاثة يحبونها”، و “أم العروسة”، حيث لفت الأنظار بموهبته وقدرته على تجسيد الشخصيات ببراعة، حتى أنه لاقى في بداياته السينمائية منافسة من أبرز نجوم فترة الستينات مثل الفنانين رشدي أباظة، وكمال الشناوي، وصلاح ذو الفقار، وحسن يوسف، وشكري سرحان.
التنوع والثراء كانا أهم ما ميز الأدوار التي قدمها الراحل يوسف شعبان في السينما، حيث برع في تجسيد كل الأدوار وخاصة الشخصيات المستوحاة من الأعمال الأدبية، والتي شارك فيها عدد من كبار الفنانين، فبرع في تقديم دور فَرج في فيلم “زقاق المدق”، وسرحان البحيري في فيلم “ميرامار”، كما شارك في أفلاماً تتميز بخفة الظل مثل “ليلة القبض على بكيزة وزغلول” و “مراتي مدير عام”، بينما قدم في فترة السبعينات شخصية مثيرة للجدل في فيلم “حمام الملاطيلي” حيث أدى دور رجل شاذ جنسياً، وهو ما نال عليه، رغم الجدل الشديد، العديد من الجوائز المحلية والعالمية وتقرر تدريس دوره في هذا الفيلم بمعهد السينما وأكاديمية الفنون.
ميراث الفنان يوسف شعبان في التليفزيون كان مميزاً بشدة أيضاً، فمعظم الأعمال التي شارك فيها جاءت كعلامات بارزة في الدراما، حيث تألق في أداء الشخصيات التي قدمها في أكثر من 130 مسلسل، وزاد حب الجمهور له من خلالها، ومن أهمهم :” الشهد والدموع، المال والبنون، الوتد، العائلة والناس، الضوء الشارد، الحقيقة والسراب”، بالإضافة إلى تقديمه عدد من المسرحيات مثل مطار الحب، و أرض النفاق، و شيء في صدري. وفي عام 1995 قرر يوسف شعبان الابتعاد عن السينما والاكتفاء بأعمال درامية معدودة، خاصة بعد توليه منصب نقيب الممثلين.
