ألغاز في حياة سعاد حسني تتجدد في ذكرى ميلادها

الأساطير تولد كبيرة، تعيش لتثير الجدل وتشغل الناس بحكايات لا تنته، تأتي بعضها من قصص حقيقية زادها الحكي غموضاً وأغلبها ضرب من الخيال. وكما الأساطير، جاءت نجومية الفنانة الراحلة سعاد حسني لتظل حياتها منذ مولدها وحتي موتها أسطورة مليئة بالألغاز، فجمالها وخفتها وقدرتها على أخذ القلوب، كانوا نعمة تارة ونقمة عليها تارة أخرى، منذ صعدت إلى قمة النجاح، وحتى هبطت ملقاة أو واقعة من شرفة منزلها بلندن.

ربما لم تتوقع الفتاة الصغيرة الرقيقة التي ظهرت على الشاشة لأول مرة في فيلم “حسن ونعيمة” للمخرج هنري بركات، النجاح الكبير الذي حققته، لكنها بالتأكيد استطاعت أن تحوله إلى أسطورة بحرفية فنانة مرهفة الحس، وذكاء أنثي تدرك جمالها وموهبتها الهائلة في التمثيل، فعندما يقترن الجمال بالذكاء كان لابد أن تولد السندريلا.

91 فيلماً هو رصيد الفنانة سعاد حسني السينمائي في الفترة من 1959 إلى 1970، منذ اكتشفها الشاعر عبد الرحمن الخميسي، وأشركها في مسرحيته “هاملت” لشكسبير، وحتى آخر أفلامها “الراعي والنساء” مع الفنان أحمد ذكي عام 1991، وقدمت مسلسل تليفزيوني واحد شهير “هو وهي”، و 8 مسلسلات إذاعية، وكانت آخر أعمالها هو آداء رباعيات الشاعر الكبير صلاح جاهين وقصيدة “المكنجي” للإذاعة.

تتصاعد قصة نجاح السندريلا بطريقة درامية تشبه حياتها، فإحساس السعادة الذي تنقلة إليك وهي تغني برشاقة “الدنيا ربيع والجو بديع” في فيلم “أميرة حبي أنا”، يختلف عن إحساس الشجن في صوتها وهي تغني “بانوا بانوا على أصلكوا بانو” في فيلم “شفيقة ومتولى”. فصول كثيرة مرت في حياتها منذ كانت شابة جميلة تطغي خفتها على كل ما حولها، وحتى نضجت وأصبحت تعي جيداً ضريبة الشهرة والنجاح وحقيقة الحياة، التي تتغير حولك كلما أُضيف عاماً جديداً لسنوات عمرك.

تزوجت الفنانة سعاد حسني عدة مرات أولهم من المصور والمخرج صلاح كريم عام 1966 وانفصلا بعد عامين، ثم تزوجت من المخرج علي بدرخان عام 1970، واستمر زواجهما لمدة 11 عاماً، وفي عام 1988، تزوجت من زكي فطين عبد الوهاب، ابن المطربة الراحلة ليلى مراد، ولم يستمر زواجهما سوى أشهر قليلة، وكانت آخر زيجة لها من السيناريت ماهر عوّاد وتوفيت وهي على ذمّتِهِ.

ولكن مازال اللغز الذي يشغل بال الكثيرين هو زواج السندريلا من المطرب عبد الحليم حافظ، فهي معلومة يؤكدها بعض المقربين من الراحلين، وإشاعه ينفيها البعض الآخر تماماً، بينما يؤكد أغلبهم أن قصة حب نشأت بين الإثنين لكنها لم تكلل بالزواج، ويتجدد هذا اللغز كل عام في ذكرى مولدها أو وفاتها، جنباً إلى جنب مع لغز وفاتها التي لم يُعرف حتى الآن إذا ما كانت حادثاً أم بفعل فاعل.

واظبت سعاد حسني بإصرار على إشباع شغفها للفن بتقديم أعمال جديدة تتماشى مع سنوات عمرها، لذا قاومت بشدة أعراض الإصابة في عمودها الفقري التي داهمتها خلال تصوير حلقات “هو وهي”، حيث كانت تعاني من تآكل في الفقرتين “العجز والقطنية”، وبدأت معاناتها الحقيقة مع الألم بعدما اصيبت بضغط في الأوعية الدموية وتمزّق في الشرايين، وأثناء فترة الإصابة، عُرض عليها فيلم “الراعي والنساء” ووافقت عليه رغم أوجاعها، مما سبب تفاقم وضعها الصحي، واضطرها إلى السفر إلى فرنسا لإجراء عملية جراحية عام 1992.

سعاد حسنياعتادت السندريلا أن ترى في مرآتها كل يوم إمرأة جميلة ورشيقة، لذا أصابها اكتئاب شديد بعد إضطرارها للخضوع للعلاج بالكورتيزون، لاصابتها بشلل في الوجه، نتج عن التهاب فيروسي في العصب السابع، حيث كان سببا في زيادة وزنها بشكل كبير. وإزدادت حالتها النفسية سوءاً بعد وفاة والدتها، وهو ما جعلها تصاب بنكسة مرضية أجبرتها على السفر إلى لندن للعلاج.

لم تتمكن سعاد حسني من العودة مرة أخرى إلى مصر، حيث سقطت أثناء فترة تلقيها العلاج بلندن من شرفة شقة في الدور السادس من مبني “ستيوارت تاور” في 21 يونيو 2001_ وهو بالمناسبة نفس تاريخ مولد العندليب عبد الحليم حافظ_ لتبدأ فصلاً جديداً من حكايتها يكتنفه الغموض حتى يومنا هذا، فمازالت الشكوك تدور حول تدبير سقوطها وأنه لم يكن انتحاراً.

Amira Shawky
+ posts
© 2024 SOUL ARABIA. ALL RIGHTS RESERVED

Subscribe now to get notified about exclusive offers from Soul Arabia every week!