سوسن بدر.. فنانة تزدهر من جديد

لديها قدرة فائقة على التقمص ، واستطاعت أن تتلون وترتدي ثياب مئات الشخصيات في أعمالها المختلفة ، راوية قصص حقيقية تزدهر فقط عندما تعبر عن حكاية وحبكة جديدة، وممثلة لديها شغف لا يتزعزع بالكاميرا – هي نجمة مشهورة نحتت اسمها في أوساط الشهرة العربية في مجالي السينما والدراما على مدار 40 عامًا. وبعد أن أدت العديد من الأدوار أمام الكاميرات ، استطاعت الفنانة سوسن بدر أن ترتبط بعلاقة قوية مع جمهورها ، وأصبحت فرداً محبوباً ومألوفاً في كل عائلة في الشرق الأوسط.

تصوير محمود رشاد، مجوهرات من دار Egypt Gold

شعرها الأبيض القصير الذي تركته ليعبر عن نضجها وأناقتها، ساهم في تكوين هالتها ، وتعتبر الفنانة سوسن بدر كتابًا مفتوحًا عندما تتعمق في ذكرياتها عن الحياة التي قضتها بشكل رائع تحت الأضواء، وقد لا تمتلك صورة شخصية واحدة ؛ ورغم ذلك ، هي تحتفظ بما تصفه بأنه كنزها الحقيقي، حيث تقول:” لدي صندوق ضخم مليء بالتذكارات التي احتفظت بها من جميع الأدوار والأعمال التي قدمتها. وهذا الصندوق هو كل حياتي. ويشبه مغارة علي بابا ، المليئة بالكنوز التي جمعتها على مر السنين “.

وتضيف: “احتفظ بصور لي مع كل مخرج عملت معه ، وأشياء تذكارية من كل شخصية قمت بتصويرها – فهذه الأشياء تعبر عن الأربعين أو الخمسين عامًا الماضية من عمري”. أخفت سوسن بدر في هذا الصندوق الخشبي أدواراً نالت عليها شهرة كبيرة وأخرى أثارت جدلاً، ومع ذلك ، من بين العديد من الأدوار التي قٌدمتها ، لا تزال تتذكر القليل منها، التي غيرت من شخصيتها وساهمت في نموها كفنانة.

في عام 1996 ، ظهرت الفنانة سوسن بدر في مسرحية “طقوس الإشارات والتحولات”، التي لم تتحد القواعد فحسب ، بل طالبت أيضًا بالتغيير الفعلي، وأعادت تعريف الطبيعة الصارمة للرقابة الوطنية في ذلك الوقت. حيث أنه بعد سنوات من رفض الخوض في الدين والسياسة والجنس، نجحت هذه المسرحية في مناقشة الموضوعات الثلاثة بحرية تامة، بالإضافة إلى المهنية والموضوعية دون أي قيود.

أثارت المسرحية الجريئة التي كتبها الكاتب المسرحي السوري الراحل سعد الله وانوس ، نقاشا محتدما في جميع أنحاء الوطن العربي. أضاء وجه وجه الفنانة سوسن بدر وهي تتذكر دورها في المسرحية، “الماسة” ، المرأة القوية التي ظلت متأثرة بشخصيتها لمدة ثلاثة أشهر بعد انتهاء العروض: “في ذلك الوقت ، تم عرضها فقط في مصر ولبنان ، حيث أخرجها المخرج الاستثنائي نضال الأشقر، وكانت مسرحية شجاعة ومؤثرة استغرقت وقتاً حتي توافق عليها الرقابة الوطنية. وطُلب منا أيضًا إجراء تقييم تحضره لجنة خاصة قبل ظهورها لأول مرة. ومع ذلك تمت الموافقة عليها في النهاية دون حذف كلمة واحدة “.

وبنفس الطريقة العاطفية تغوص الفنانة سوسن بدر أكثر في ذكرياتها، وتتذكر دورًا قويًا آخر. حيث تؤكد أن تصوير شخصية فاطمة في “الأبواب المغلقة” (1999) ترك بصماته عليها أيضًا لبعض الوقت، وتصفها بأنها امرأة مكبوتة ومظلومة تريد فقط أن تُحِب وتُحَب في المقابل ، لكنها قُتلت لمجرد قيامها بذلك. كما تتذكر أيضاً دور “بَدره” في مسلسل الرحايا (2009)، ودور “فاطمة” في مسلسل الشوك (2011)، اللتين بقيتا معها لفترة أطول، وتقول: “غالبًا ما يجد الممثلون أنه من السهل الدخول في الشخصية ؛ ومع ذلك ، فإن ترك الشخصيات القوية وراءك ليس بالأمر السهل دائمًا “.

متواضعة وفي مهمة لا تنته، تسعى بلا هوادة إلى متابعة حبها للتمثيل ، حيث تؤكد سوسن بدر أنها لا تزال تعتبر نفسها موهبة جديدة وهي تدخل مرحلة جديدة ستجعلها تقدم أنواعاً أخرى من الأدوار.

تضحك الفنانة سوسن بدر وهي تشاركنا رغبتها بأنها تريد أن تلعب ألف دور جديد لشخصيات مختلفة ، ونيتها في عدم ترك أي نص جيد يفوتها، لأنها متعطشة لمزيد من التجارب والخبرات الفنية ، وتقول : ” لا أعتقد أنني اقتربت من كل الأشياء التي أريد القيام بها. أريد أن ألعب كل شخصية جيدة تتم كتابتها حتى هذه اللحظة. لأنني أحب التمثيل وأعشق ما أقوم به، وعندما أحظي بدور جديد أشعر بالفرح والرضا. لأنني لا أمارس هذه المهنة مضطرة ؛ ولكني أقوم بها بحب وشغف “.

وعلى الرغم من شغفها ، لا تجد الفنانة سوسن بدر دائمًا أدوارًا ترقى إلى مستوى معاييرها. وبناءً على تجربتها حالياً، تعتقد أن النصوص التي تكتب خلال هذه الفترة، لا تخلق مساحة قوية للأدوار النسائيه في السن الكبير. حيث تقول: “بشكل عام ، تواجه الصناعة عقبة كبيرة ، بمجرد أن تقترب الممثلة من نهاية الثلاثينيات من عمرها ، تظهر مشكلة كبيرة تؤثر على حياتها المهنية، لأن صناع السينما غالبًا ما يشترطون أن تكون البطلة شابة في العشرينات من عمرها. ومع ذلك ، ليست هذه هي الطريقة التي ينبغي أن يكون عليها الحال ، خاصة أن الوضع ليس بهذا الشكل في أي بلد آخر “.

لأنها عاشقة حقيقية لهذه المهنة، أصبح لدي الفنانة سوسن بدر القدرة على تذوق الأعمال الفنية بإحساس ووعي كبير، كأنها أحد أفراد الجمهور، وعبرت عن استمتاعها بمشاهدة فيلم حديثاً، جعلها تدرك أهمية زيادة التنوع في الأدوار المعروضة. وتقول:”صوفيا لورين لعبت دور البطولة في فيلم جديد عام 2020 ، بعنوان The Life Ahead، ودورها في الفيلم كُتب لامرأة في السبعينيات وهو ما يناسب عمرها الحقيقي، وقدمت لورين عبره دروسًا في التمثيل. لأن خبرتها والحكمة التي كونتها عبر سنوات عمرها ظهرت أمام الكاميرات، وكان حقاً عملاً مثيراً للإعجاب “.

تضيف الممثلة الحائزة على جوائز عدة، أنه بالملامح التي تمتلكها، من الصعب أن تجد دورًا مناسبًا مكتوب لامرأة في عمرها، ويساهم في نفس الوقت بشكل مفيد في عملية الإنتاج وله قيمة فنية. وهو ما يضعها أمام خياراً صعباً ، فإما أن تظل بدون عمل منتظرة الدور الجيد الذي يناسبها، أو تتنازل وتقبل بالحد الأدنى من المعروض من حيث مستوى الجودة. وتقول الفنانة سوسن بدر: “مؤخرًا ، كنت محظوظًه لأنني لعبت دور “رجاء” في مسلسل خيط حرير (2020)”، لأنه كان دورًا جيداً ومهمًا جعلني ملتزمة ومتحفزةً لتقديم أفضل ما لدي. وبشكل عام ، لا يمكنني أن أنكر أنني كنت محظوظًة تمامًا، لأنه في كل مرة يكون هناك دور لامرأة في سني ، غالبًا ما يوضع اسمي على رأس قائمة المرشحين له “.

أطلق عليها المخرج الراحل شادي عبد السلام لقب “الهاربة من المتحف” ، وقد اعتُبرت رمزًا للجمال المصري بسبب ملامحها الأصيلة وعينيها المعبرتان وابتسامتها الدافئة. تدافع الفنانة سوسن بدر عن النهج الفطري للشيخوخة ، وتدعو لاحتضان العمر والوقوف بثقة في مواجهة الصور النمطية، وتقول: “لدي مبدأ ؛ أنا أول شخص يراني كل صباح، لذا فمن الطبيعي أن أكون سعيدًة عندما أرى نفسي في بداية كل يوم، من حق الجميع أن يشعروا بالسعادة عندما يرون أنفسهم في المرآة كل صباح، وإذا كانت هذه السعادة ستأتي من الجراحة التجميلية ، فلتقمن بها ، أما إذا كانت تجاعيدك تجلب لك الرضا ، فاتركيها كما هي ، وإذا كانت صبغة الشعر ستجعلك تشعرين بنفس الإحساس ، فقومي بعملها “.

تؤمن النجمة سوسن بدر بحرية اختيارات كل شخص في تعريف سعادته الشخصية، طالما أنها لا تضر أو ​​تؤثر على حرية الآخرين ، وهي اختارت أن تحتفظ بشعرها الرمادي الطبيعي كما هو. وتقول: “هكذا أبدو وأنا سعيدة بذلك. إنه الواقع الذي أعيشه حالياً، وأريد أن يشاركني الناس ذاتي الحقيقية. أريد أن يحبني الناس لما أنا عليه وليس لشكلي ؛ فلا ينبغي أن يرتبط الإعجاب الحقيقي بالمظهر “.

أما بالنسبة إلى المستقبل ، فتقوم الفنانة سوسن بدر حاليًا بالمشاركة في عمل تلفزيوني قادم تصفه بأنه طموح. وهي في ذات الوقت تتبني نشر رسالة الثقة بالنفس وحب الذات ، وتشجيع النساء على إيجاد الجمال في سنهن.وتقول: “لا تخافوا من التقدم في السن. العمر يجلب الحكمة والنضج والخبرة والتفهم والأناقة والجمال وكل شيء بينهما. ولا يعني التقدم في السن أننا يجب أن نتخلى عن كل شيء، بل على العكس ، إنه التوقيت المثالي للخروج والاستمتاع بالحياة وتجربة أشياء جديدة. إضحكوا من القلب واستمتعوا بسنوات عمركم “.

مع وجود ما يقرب من نصف مليون متابع على صفحتها الشخصية على موقع “إنستجرام” ، تحرص الفنانة سوسن بدر على الحفاظ على تواصل حقيقي مع جمهورها. حيث يوجد لديها حساب رسمي واحد فقط ، تقوم بالرد بنفسها على جميع التعليقات والرسائل عليه. وعندما سئلت عن التنمر عبر الإنترنت ، قالت سوسن بدر أنها تفضل الرد بالتفسيرات لأن بعض التعليقات السلبية قد تنجم عن سوء فهم. وفي كل الأحوال هي تؤمن إيمانا راسخا بأنه حتى في وقت الخلاف لا يحق لأحد إيذاء الآخرين. وتقول: “يمكننا التعبير عن أفكارنا دون تجاوز أي حدود، فغير مسموح لأي شخص بمخاطبة الآخرين بعدوانية شديدة حتى لو كانت لديهم آراء  معاكسة، وأتفاجأ دائمًا ممن ينشرون تعليقات سلبية وإهانات عرضية. حيث لا أفهم حاجة شخص ما للبحث عن أولئك الذين اختاروا مسارًا مختلفًا لأنفسهم فقط لإهانة معتقداتهم وخياراتهم. يحق لكل شخص إبداء رأيه ، ولكن في النهاية يوجد حد أدنى من الاحترام الذي ندين به لبعضنا البعض “.

نيّرة ياسر
+ posts
© 2024 SOUL ARABIA. ALL RIGHTS RESERVED

Subscribe now to get notified about exclusive offers from Soul Arabia every week!