نجا سعادة.. مصمم أزياء متجدد والتفاصيل تحدد هويته

لم يكن حلم الطفولة أمراً عابراً في حياته، ورغم أن طريق العلم جرفه فدرس الطب وتخصص في الأشعة، إلا أنه لم يجد هويته سوى في ممارسة المهنة التي عشقها منذ الصغر. كان مجال الموضة مقدراً لمصمم الأزياء اللبناني نجا سعادة من البداية، حيث وجد متعته وهو طفلاً في قص الأقمشة وخياطتها لصنع فساتين صغيرة، وقرر بعد سنوات من ممارسة مهنته كطبيب آشعة ناجح أن يغير مساره ليسعى وراء شغفه القديم الذي قاده لأن يصبح واحداً من مصممي الأزياء البارزين في لبنان والعالم العربي وأكثرهم تميزاً بأسلوبة الفريد الذي يجمع بين البساطة والأناقة. في حواره مع سول العربية حدثنا نجا سعادة عن رحلته التي بدأها من الصفر وسر بصمته المميزة في مجال تصميم الأزياء، كما أطلعنا على بعض ملامح الموضة للموسم المقبل.

من الطب إلى تصميم الأزياء. كيف جاء هذا التحول ومتى ظهر شغفك بالموضة؟

بدأت أرسم الفساتين منذ كان عمري 4 سنوات، ثم أجمع قطع القماش الصغيرة وأقصها وأخيطها، بعدها أصبحت الفكرة تتبلور واكتشف أهلي والمحيط الخاص بي أن طموحي هو أن أصير مصمم أزياء، ورافقني شغفي بالموضة بكل مسيرة حياتي خلال المراهقة وحتي وصلت إلى الجامعة، ولكني قررت الالتحاق بكلية الطب، ولا أعرف لما اتخذت هذا القرار، ربما لأنني كنت متفوقاً في المدرسة وقررت أن أدرس اختصاص صعب أجتهد فيه، ولم أنتبه أن تصميم وتنفيذ الأزياء يحتاج إلى جهد كبير أيضاً حتى أحقق هدفي.

من هنا صرت أدرس الطب والتصوير الشعاعي، وعملت لمدة 7 سنوات بمستشفيات لبنان وكانت مسيرتي فيه ناجحة بشهادة كل من حولي في مجال العمل وقتها، سواء أطباء أو مرضى، ولكنني وجدت أنني غير سعيد وأن هذا ليس الشيء الذي أريده، فتركت كل شيء لدراسة تصميم الأزياء، وفتحت المشغل الخاص بي سعياً لتحقيق حلم الطفولة، وأتذكر دائماً مدى جمال هذه الأيام لأن الشغف هو الحافز الأول لأكون طموحا وأقدم أفضل ما لدي في هذا المجال.

كيف حصلت على فرصتك الأولى في مجال الموضة؟

استطعت في عام 2011 تقديم مجموعة صغيرة لتعريف الناس بي تحت عنوان”الهوية”، وكانت مكونة من 10 فساتين مختلفة، منهم 6 للسهرة و 4 فساتين زفاف، ومن خلالها بدأ الناس ينتبهون إلى ويعرفونني، حيث تم بيعها في نفس الوقت، وبدأت بعدها أصبح معروفاً لدى الناس، وبالتأكيد كل مجموعة قدمتها حملت فرصة جديدة لي حتي اكتملت العلامة الخاصة بي وتوسعت.

وأفتخر أنني بدأت في مهنة تصميم وتنفيذ الأزياء من الصفر لأنه لم يكن هناك أي فرد في عائلتي يعرف أي شيء عن هذا المجال أو لديه شغف بالموضة أو يحب الخياطة.

ما الذي يميز نجا سعاده عن بقية المصممين ؟ وماذا يحتاج المصمم فى رأيك حتى يكون لديه بصمة خاصة ؟

يميزني اهتمامي بالإطلاع على كل مرحلة من مراحل تنفيذ الفساتين، فكثير من المصممين غير مطلعين على أمور الخياطة، وأنا لم أقبل سوى أن أعرف كل التفاصيل سواء فيما يخص الخياطة أو التصميم والتنفيذ ووضع اللمسات الأخيرة، حتى أتمكن من اقتحام كل الموضوعات ووضع هوية لعلامتي التجارية التي تظهر في كل فستان، والفريق الذي يعمل معي أيضاً يعمل بطريقة واحدة، فالكل يكتسب هوية نجا سعادة ويعمل من خلالها. كما أن كل من يحب إرتداء تصميماتي يؤكد أن شخصيتي موجودة بكل فستان أقدمة، ورغم ذلك أنا في حالة بحث دائم للإطلاع على كل جديد لتجديد نفسي وتحديها لتقديم شيء جديد كل مرة وتناول موضوعات لا يتطرق إليها المصممين في مجموعاتهم.

وفي رأيي أن المصمم الذي يريد أن تكون له بصمة، لابد أن يعرف أنها لا تأتي في يوم أو إثنين، ويتمتع بالصبر في المرحلة الأولى ويحاول تقديم أفضل ما لديه، حتى يفرض نفسه في هذا المجال، وأن يكون متجدداً ويقبل ما ينقصه ويطوره، وأيضاً يتعلم ألا يتأثر بالأشياء السلبية التي توجد حوله، ويغلق أذنية ويمضي إلى الأمام.

ما هي الشخصية التي أثرت فيك في مجال الموضة، ومن المصمم المفضل لديك؟

تأثرت جداً بممثلات هوليود القديمة، آفا جاردنر، وريتا هيوارث، وجريس كيلي، وأودري هيبورن. هؤلاء الأربعة كل واحدة منهن تمتعت بشخصية مختلفة، وخط للموضة مختلف عن الأخرى وأثرن فيها بشكل كبير، والشخصية التي أثرت في بالعالم العربي هي الفنانة الكبيرة الراحلة صباح، حيث كانت عصرية وتركت أثر كبير بالموضة لأنها كانت من الأوائل الذين ارتدوا أشياء لم يكن أحد آخر يرتديها، بالإضافة إلى الفنانة داليدا التي كان لديها خط خاص بها ووضعت من شخصيتها وشكلها بتصرفاتها وأسلوب ملابسها.

أما مصممي المفضل، هو كريستيان ديور لأنه استطاع أن يؤسس إمبراطورية كبيرة خلال عشر سنوات، والشيء الرائع أن أول مدير إبداعي استلم الأتيلية الخاص به من بعده، هو إيف سان لوران، واستطاع أن يخلق نفس النمط ويحافظ عليه، وفي ذات الوقت قدم ابتكارات جديدة خاصة بعلامته التجارية.

ارتبط اسمك بالكثير من النجمات اللاتي حرصن على ارتداء تصميماتك، ولكن من هي النجمة التي تتمنى أن ترتدي فستان من أعمالك ؟

من العالم العربي، أتمنى ان ترتدي الملكة رانيا العبد الله قرينة العاهل الأردني من تصميماتي لأنني أحب شخصيتها جداً، وعلى المستوى العالمي، الممثلة سكارليت جوهانسن التي أعشق تمثيلها وشخصيتها وأعتقد أن أسلوبي سيليق بها تماماً.

الموضة العربية أصبح لها حضور كبير على المستوى العالمي، فما الذي ينقصها للتربع على عرش العالمية فى هذا المجال؟

بالفعل كثير من المصممين العرب أصبحوا يشاركون بتصميماتهم الجميلة في أسبوع الموضة بمختلف الدول مثل باريس وميلان وروما، ولكن مازال ينقص الموضة في العالم العربي الإطار التنظيمى، فاليوم تقام فعاليات كثيرة في الدول العربية ولكن مازالت خارج إطار الأجندة الرسمية، ولابد أن يتم تنظيمها بشكل ثابت كل عام، مع وضع الأجندة العالمية في الاعتبار بحيث أن يسلط كل الإعلام أنظاره على المصممين العرب المشاركين في الحدث، ويتمكنوا من الإعلان عن تصميماتهم ضمنها، وبهذه الطريقة سيأتي أيضاً مصممين عالميين من الدول الأجنبية مثلما يشارك المصممين العرب في ميلان وباريس.

ما هي ملامح الموضة الجديدة والألوان للموسم المقبل؟

يتميز موسم خريف وشتاء 2021 بالتنوع والغنى، أولاً توجد فيه عدة أنواع أقمشة مثل المخمل والجلد والتايجر المطبوع أو الورود بألوان داكنة، والموسلين، والكشمير، والأقمشة التي يتم عمل “فوليوم” بها، وأيضاً البدل والجامبسوت موجودين بقوة، والحزام العريض والإكسسوارات مثل الأقراط كبيرة الحجم والأوشحة، وبالنسبة للألوان اللون الأحمر موضة والزيتي، والأزرق، والذهبي، والفضي، والأبيض والأسود معاً.

بماذا تنصح النساء عند اختيار ما يناسبهن من الأزياء؟

أنصح كل سيدة أن تعرف أولاً شخصيتها وتفاصيل جسمها، قبل اختيار التصميم الملائم لشكله، فهناك العديد من القصات الرائعة التي نراها على “الرانواى” ولكنها لا تليق على كل الأجسام، وكل جسم تناسبه قصات معينة وتبرز جماليته أكثر، وفي نفس الوقت تلعب الشخصية دور أيضاً لإيجاد التصميم الملائم، لذا أنصح باختيار الملابس الدارجة ولكن حسب كل جسم تختارالأفضل له.

أطلقت مجموعة LAVIE فى ظل الإغلاق والحجر المنزلي بسبب كوفيد-19ه، كيف تصف هذه التجربة ؟

إصدار مجموعة الكوتور لصيف وربيع 2021، تجربة صعبة حملت الكثير من التفاصيل والجهد، لأن الوقت كان ضيقاً جداً للانتهاء منها وتصويرها بظروف الحجر المنزلي الذي قيد حركة الجميع، ورغم التحدي الذي واجهناه، إلا أنه كانت تصحبه متعة ترقب رد الفعل وشكل المجموعة على عارضات الأزياء والتصوير، خاصة أن موضوع الجينات والكروموسوم بجسم الإنسان، الذي دارت عنه يصعب ترجمته من خلال القصات والألوان والتطريز.

حدثنا عن مجموعتك الأخيرة لفساتين الزفاف La Nature Voilée، وما هى رسالتك إلى المرأة من خلال هذه المجموعة ؟

تألفت المجموعة من عشر فساتين زفاف، تنوعت بين قصات مختلفة منهم، الميرميد كت، والبرنسيس كت، والإيه كت، والكاب إمباير كت، والمُلفت فيها هو تقديم الوشاح بعدة موديلات وطرق لارتداءه مع كل فستان، وأردت من خلالها أن أعكس غموض المرأة التي تشبه الطبيعة في أنها تجعلنا نكتشف كل مرة شيء جديد فيها، وكليهما يتميزان بالعطاءات المتعددة والأناقة والتواضع، بينما زاد الوشاح من غموض طلتها.

وما هي ملامح موضة فساتين الزفاف في الموسم الجديد؟

اللون “الأوف وايت” بتدرجاته هو الطاغي أكثر من اللون الأبيض في موضة فساتين الزفاف في الموسم القادم، وأيضاً اللون “النيود”، بالإضافة إلى التطريزات بالفضي والذهبي، وعموماً فستان الزفاف الأبيض التقليدي أصبح غير دارج، حيث دخلت ألوان جديدة وأصبحت كل عروس تفضل أن يكون فستانها مميز من خلال التطريز باللونين الفضي أو الذهبي أو البرونز أو حتى بإضافة ألوان جديدة مثل البينك الفاتح أو الأخضر والأزرق الفاتح، والتريند القادم في القصات “الإيه كت”، و “البرنسيس كت” ليست منتشرة بنفس الدرجة.

لماذا قررت أن تستوحي مجموعة أزياء السهرة Timeless Glamour من أجواء هوليوود في حقبتي الأربعينات والخمسينات؟

لأن هذه الفترة المهمة حملت تغييراً كبيراً ورسمت خطوط عريضة للموضة التي نتوسع فيها الآن، ويقدم المصممون من وحيها مجموعات كثيرة، كما أن نجوم هوليوود في ذلك الوقت كانوا مثالاً للكثيرين، لذا أحببت أن أعود لأتذكر الشخصيات التي تأثرت بها كثيراً في طفولتي من ممثلات هوليوود.

ما هي الأقمشة التي تفضل استخدامها في أغلب مجموعاتك؟

الدانتيل من أكثر الأقمشة التي تدخل في كل مجموعاتي، حيث أحب أن استخدمه في الفساتين، لأنه يضيف الأناقة، وأيضاً الموسلين الحرير والتول الحرير، وهم أهم ثلاثة أقمشة استخدمهم بشكل دائم.

تهتم كثيرًا بالموضوعات الإنسانية والحملات التي تطلقها من خلال مجموعاتك. هل ترى أنه يجب أن يكون للموضة رسالة، خاصة في الأوقات والظروف الصعبه؟

هو أمر يعني لي الكثير، وتعمل به الكثير من العلامات التجارية في مجال الموضة، ومنهم أيضاً من لا يهتم بذلك، ولكنه يعطينا الفرصة لتغيير حياة العديد من الأشخاص، حتى لو كان التطرق إلي هذه الموضوعات بسيطاً بالنسبة لنا فقد يعني تغييراً جذرياً للكثيرين، وفي رأيي لابد أن يكون لمجال الموضة دور في الظروف الصعبة، لأننا لسنا موجودين فقط للسير على “الرنواى”، بل للمساهمة في الاوقات العصيبة من خلال صناعتنا وعملنا الإبداعي وأفكارنا التي نقدمها في الأوقات التي نكون فيها سعيدين، من خلال تقديم أفكار تساعد الناس وتغير حياتهم.

Amira Shawky
+ posts
© 2024 SOUL ARABIA. ALL RIGHTS RESERVED

Subscribe now to get notified about exclusive offers from Soul Arabia every week!