مريم الخُشت.. أصقلت خبرتها في الإذاعة وتفتحت موهبتها أمام الكاميرات

السهل الممتنع، هكذا يمكن أن تصف أداء مريم الخُشت أمام الكاميرات، تُصقله شخصيتها البسيطة العفوية، وملامحها الهادئة الرقيقة، بدأت حياتها المهنية من بوابة الدوبلاج الصوتي في عمر 10 سنوات، وقدمت العديد من الأعمال مع شركة ديزني العالمية، لا تخطط كثيراً وتميل إلى الارتجال في أغلب الأحيان، فتنوعت تجاربها واكتسبت خبرة في عدة مجالات، حيث تخرجت من كلية الفنون الجميلة، وعملت في تصميم الملابس والانتاج، ثم تقديم البرامج في الإذاعة، وأخيراً التمثيل.

تصوير: خلود المهدي

دخلت الفنانة مريم الخُشت مجال التمثيل بالصدفة، وظلت لفترة طويلة ترفض أي عمل تجاري، ولكن قبل أن تقوم بدورها الأول في مسلسل “لا تطفىء الشمس” بعام واحد، عرضت عليها إحدى صديقاتها دوراً يناسبها وسألتها إذا كانت تحب التمثيل، فأجابت مريم دون تفكير بنعم. لم تشارك مريم الخُشت  في هذا العمل لتكتشف بعد عرضه أنه كان مسلسل “جراند أتيل”، ومن هنا قررت ألا يتكرر هذا الأمر مرة أخرى دون سعي منها، حيث تقول:” بعد عام من هذا الموقف فوجئت بصديقتي الفنانة أمينة خليل تبحث عن أشخاص يرغبون في التمثيل، وعندما سألتني إذا كنت أرغب في المشاركة في عمل فني وخوض التجربة لأول مرة، وكان مسلسل لا تطفىء الشمس، الذي وجدت أنه نفس فريق العمل في جراند أوتيل، فشعرت أنها علامة لأنه ما تمنيته تماماَ”.

مريم الخُشت“ردود الأفعال كانت صعبة جداً، فبعض الجمهور لا يفصل في مشاعره بين الحقيقة والتمثيل، وكانت معظم التعليقات تؤكد أنه لا يمكن أن يصطنع شخص هذا الأداء إلا إذا كانت شخصيته شريرة فعلاً، وشعرت بالحزن لدرجة أنني لم أكمل مشاهدة المسلسل بعد عرضه وحتى الآن”. اختبرت مريم الخُشت مشاعر متضاربة بعد أدائها لشخصية “نبيلة” في مسلسل “ليالي أوجيني”، وتؤكد أنها في البداية كانت متحمسة باختيارها للعمل واعتبرته شهادة بكفائتها كممثلة، خاصة بعد قيامها بتجربة واحدة فقط قبله، ولكن ردود الأفعال جاءت صادمة وأشعرتها بالاكتئاب في البداية، ثم أصبح من أكثر الأعمال التي تنال التقدير عليها، بعد عرض مسلسل “كلبش” الجزء الثانى، حيث تمكنت من إقناع الجمهور بموهبتها وقدرتها على أداء شخصيات متنوعة، فتحولت ردود الأفعال إلى إيجابية مرة أخرى.

تشَبه مريم الخُشت مجال التمثيل بالسِحر، فهو المهنة التي حققت طموحها المهني، حيث تقول:”التمثيل بالنسبة لي مثل حذاء سندريلا، الذي يلائمها تماماً وتتمثل فيه كل أحلامها، ورغم أنني حققت نفسي بأشكال مختلفة، واستمتعت جداً بتجربة الإنتاج وتصميم الملابس ولكن التمثيل مختلف عنهم تماماً”. أما عن مجال الإذاعة، فتؤكد مريم الخُشت أنها دخلته دون أي تخطيط مسبق، عندما طلب منها صديقها المذيع شريف نور الدين تسجيل برومو لبرنامجه الإذاعي بصوتها، ولكن بعدما ذهبت إلى هناك فوجئت أنه كان اختبار مايك، ونجحت فيه دون أي استعدادات، لتصبح بعدها من أشهر مذيعات “ميجا إف إم “.

مريم الخُشتلم يكن الوقوف أمام كاميرات التليفزيون تحدياً كبيراً أمام مريم الخُشت، فكرسي المذيع هو الأكثر رهبة بالنسبة لها، وتؤكد أنه حتى آخر يوم عمل في الراديو كانت أحياناً تشعر بالتوتر قبل بدء الهواء، الذي يماثل في رهبته الوقوف على خشبة المسرح، بإختلاف أن الأخير له “سكريبت” محدد وفرصة الخطأ فيه قليله، وتقول مريم الخُشت:” الهواء مخيف وفضاح جداً، ويحتاج إلى ارتجال واستعداد لأي مكالمة قد تفسد الحلقة، خاصة أن الراديو ليس فيه ما يلهي المستمعين كالمؤثرات البصرية في التليفزيون، ولا يوجد سوى صوت المذيع والمستمع فقط”. وتضيف مريم:”الراديو أضاف الكثير لخبرتي، فبعد ست سنوات على الهواء أحاور الضيوف وأملأ الهواء لحين تلقي المكالمات أو وجود تفاعل أو لحل مشكلة قد تطرأ في خدمة الرسائل، اكتسبت ثقة كبيرة وقدرة على التعامل مع المواقف”.

العمل في مجال الدوبلاج الصوتي من سن عشر سنوات، أفاد مريم الخُشت في جوانب عديدة، من بينهم الثقة في النفس، وإتقان اللغة، ومخارج الألفاظ السليمة، وتؤكد مريم الخُشت:” ربما لا يشعر الكثيرين بأهمية هذا الأمر، ولكني أحياناً أشاهد أعمالاً فنية لممثلين أقوياء سواء في مصر أو على مستوى العالم، ولكن لديهم مشكلة في مخارج الألفاظ تؤثرعلى أدائهم، وفي رأيي أن جزء مهم من عمل الممثل هو استخدامه لصوته، وليس فقط مخارج الألفاظ، وهو ما تعلمته من الدوبلاج الذي يعتمد كليا على الصوت والنطق الصحيح باللغة العربية الفصحى”.

ربما تشعر بالخوف من أشياء كثيرة، ولكن ليس التمثيل من بينهم، لذا لم تتردد مريم الخُشت في المشاركة في المسلسلات الكوميدية مثل “الآنسة فرح”، وتقول :” الشعور بالخوف ليس أول ما يراودني، حيث تستفزني الشخصية والعمل لتجربته ومشاهدة أدائي، لأنني مؤمنة بالفطرة وأن أول رد فعل هو الأصح، لذا لا أحب المبالغة في التفكير أو الحفظ ، بل أقرأ المشاهد للمرة الأولى عندما أتلقى السيناريو ومرة في الليلة التي تسبق التصوير ومرة قبل دخولي المشهد فقط، وأشعر أن التحضير بشكل مبالغ فيه يجعل الأداء كأنه محفوظ، فيكون غير حقيقي، حتى فى البلاتوه أثناء التصوير لا أستطيع أن أخرج أداء في بروفة ما قبل التصوير، لأنني أُدخره لوقت الكاميرا” .

مريم الخُشتتظهر مريم الخُشت على شاشة السينما لأول مرة من خلال فيلم “ريتسا”، الذي يعرض حالياً ويضم عدد كبير من النجوم، من بينهم محمود حميدة، وأحمد الفيشاوي، وعائشة بن أحمد، وأمير المصري، وتؤكد أنها انتظرت فرصة السينما كثيراً، وكل مرة لم يكن الظرف ملائما، ولكنها سعيدة بأن أول تجربة فيها من خلال فيلم ريتسا، وتقول:” وافقت على الفيلم لأسباب عديدة أهمها أن فريق العمل قوي جدا، كما أنني أحب الدراما الرومانسية لأنها تترك أثراً دائماً في النفوس، بالإضافة إلى أن الفيلم فيه أكثر من خط رومانسي في نفس الوقت، وهو ما يلمس الجمهور أكثر، وأخيراً لأن القصة ليست تقليدية ولكنها قائمة على مثلث وهو شكل لم نتعود عليه في السينما، دون أن يكون فيه شخصيات مكروهة.وتضيف مريم الخُشت :” تدربت على أداء بعض الرقصات في الفيلم وهو ما زاد من إعجابي به لأنه شيء جديد أختبره لأول مرة، كما أنني لم أكن أدرك أن الممثل يمكنه أن يعبر عن إحساس ما بالرقص وهو ما تعملته في هذه التجربة، خاصة أن التدريب على الحركات مرهق بشكل كبير”.

تعيش مريم الخُشت حالة من الانتعاش الفني في الفترة الحالية، حيث تقدم أكثر من شخصية مختلفة في ثلاثة أعمال تليفزيونية، وانتهت من تصوير مسلسل “وعد الشيطان”، مع النجوم عمرو يوسف، وعائشة بن أحمد، وأحمد مجدى، ومها أبو عوف، ومحمد يسرى، ومن إخراج البريطاني كولين تيج، وأيضاً مسلسل الغرفة “207 “، المقرر عرضه على إحدى المنصات الرقمية خلال الفترة المقبلة، وهو من بطولة محمد فراج وريهام عبد الغفور، وناردين فرج، وسيناريو وحوار تامر إبراهيم، وإخراج تامر عشري، بينما تنتهي من مشاهدها الأخيرة في مسلسل “آخر دور” مع الفنانين دينا الشربينى، وأحمد خالد صالح، وتأليف وسام صبري، وإخراج حسين المنباوى.

مريم الخُشت والفنان أمير المصري نجوم فيلم “ريتسا”

فتحت مريم الخُشت  قلبها لتخبرنا عن ثلاثة أشياء تتمناهم، أولهم شخصية ترغب في تقديمها، وأجابت:” أتمني تقديم شخصية حقيقية تاريخية مشهورة سواء ممثلة أو مطربة لا يعرف الناس شيئاً عن كواليس حياتها الخاصة ومشاكلها، مثل قصة حياة المطربة داليدا أو الأميرة ديانا التي يرى الناس حياتها المبهرة دون أن يدركوا مدى تعاستها”.

فنان تريد الوقوف أمامه، فقالت :” أتمنى أن أقوم بدور أمام الفنان محمود حميدة لأنه لم يجمعني به أي مشاهد في فيلم ريتسا، والفنان محمد ممدوح الذي قدمت معه تجربة من قبل ولكني كنت صغيرة ولم يكن لدي خبرة كبيرة وقتها، ولكن أتمني الآن أن تكون هناك فرصة لأداء دور أكبر معه، وأيضاً الفنانين أحمد داش، وعلى قاسم، وبشكل خاص جداً الفنانة منى ذكى التي أعشقها .

قضية تتمنى أن تعرضها على الشاشة، فقالت:” توجد قضايا اجتماعية كثيرة أتمنى تقديمها وخاصة قضايا المرأة، التي تهمني بشكل خاص، أو أي مشروع سيفيد المجتمع، لانني أؤمن بأن الفن له القدرة على التغيير، ربما ليست مسئوليتة ولكن له تأثير كبير على الناس ودفعهم ليصبحوا أفضل”.

الفنانة مريم الخُشت والفنان أحمد مجدي من كواليس ” الآنسة فرح”

الاهتمام والدفاع عن حقوق الحيوان، من الأشياء الهامة التي تشغل بال مريم الخُشت، حتى وصل الأمر لمقاطعة بعض شركات التجميل التي تستخدم الحيوانات في تجاربها، حيث أحزنها كل ما يحدث من قسوة في التعامل مع الحيوانات في المعامل، وتقول مريم:” أقدر جداً اضطرار العلماء لإجراء تجارب لأسباب طبية تتمثل في إنقاذ حياة الناس، ولكن فكرة استخدام الحيوانات في تجارب شركات التجميل غير منطقية بالنسبة لي، واستخدامي لمنتجاتهم يجعلني مُشاركة في هذه الجريمة، خاصة أنه توجد حلول أخرى وليست أمراً ضرورياً على الإطلاق، وحتى ذبح الحيوانات حدد الله له شروطاً معينة”، وتضيف مريم :”لدي مشكلة أن يتم تعذيب كائن بشكل بشع عشان أحط روج”.

دور أسرتها في دعمها سواء على المستوى الشخصي أو في حياتها المهنية، يحظى بتقدير كبير من مريم الخُشت، حيث تؤكد:” أهلى اشخاص داعمين بشكل أتمناه لكل الناس، وأنا محظوظة بهم جداً، وآخذ رأيهم فى كل شيء خاصة أن والدتي كاتبة سيناريو، وأحياناً هي من تقوم بقراءة الأعمال التي تُعرض علي لآخذ رأيها فيها، حيث أن لديها القدرة على تحليلها بشكل احترافي بعيداً عن كونها والدتي”.

ترى مريم الخُشت أن 2020 كان سيئاً جدا، ولكنه جعلنا ندرك مدى وقوة احتمالنا، وتقول:” أعتقد أن الجميع استفاد من هذه الفترة التي انعزل فيها العالم بسبب وباء كورونا، وبالنسبة لي اكتشفت أنني أتمتع بنوع من الجلد لم أعرف أنني أمتلكه، ووضطدت علاقتي بالعديد من الأصدقاء الذين دعموني بأشكال كثيرة، من بينهم الفنانتين أسناء جلال وهدى المفتي، كما طورت أيضاً من شخصيتي حيث كنت أخاف من المخاطرات وأشك في نفسي بسهولة”. لم تكن العزلة مخيفة بالنسبة إلى مريم، فهي تحب المنزل جداً وتفضل الاستمتاع بمشاهدة التليفزيون عن الخروج، أما بالنسبة إلى العام المقبل فهي تستعد لاستقباله بتفائل كبير، حيث تقول:” رمينا في 2021 بذور لأشياء كثيرة لها إمكانيات جيدة، ولدي الصبر والعزيمة والحماس لتغذيتها لتثمر نتائج ومكاسب رائعة”.

مريم الخُشت

© 2024 SOUL ARABIA. ALL RIGHTS RESERVED

Subscribe now to get notified about exclusive offers from Soul Arabia every week!