الانتماء لمهنة مليئة بالتحديات كالفن، لم يمنعها من الوصول إلى الصفوف الأولى خلال سنوات قصيرة، فأضواء النجومية ليست غريبة عليها، بل وتلائمها تماماً، فهي عُرفت بقدرتها على الاستحواذ على السجادة الحمراء، وتصدر صفحات الإنترنت باختياراتها الأنيقة في الموضة، بينما اشتُهرت شخصيتها أمام الكاميرات بالآداء العميق والحضور الآسر الجذاب، وفي الوقت الذي وصل فيه أرقام معجبيها على وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من مليوني متابع، إلا أنه بمجرد أن تنطفيء الأضواء من حولها، تبدأ في البحث عن ملاذها في العزلة، والصمت، والطبيعة.
كان مقدراً منذ البداية أن تجد الفنانة أروى جودة طريقها إلى النجومية، سواء بعملها كعارضة أزياء حاصلة على جوائز، أو من خلال المكانة التي استحقتها عن جدارة كممثلة محترفة، فهي تعشق بالفطرة سرد الحكايات، وسيرتها السينمائية تدل على التنوع، والشجاعة، والجرأة في اختيار شخصياتها; وللاستفادة من خبرتها وشغفها بالسينما والطبيعة، تستعد أروى حاليًا لاحتضان دورها كعضو في لجنة تحكيم جائزة النجمة الخضراء بمهرجان الجونة السينمائي، حيث تستثمر حبها للطبيعة في تقييم الأعمال التي تناقش القضايا البيئية الملحة التي نعاني منها اليوم.
تدافع أروى جودة بشغف عن الطبيعة الأم وتؤمن إيماناً كبيراً بالنعم التي يمكن أن نحظى بها عندما نتواصل مع الأرض التي نعيش عليها، كما يصبح صوتها متحمساً عندما تتحدث عن الاحتباس الحراري أو كلما تطرقت إلى موضوع الاستدامة، وترى أروى جودة أننا_ البشر_ يجب أن نحافظ على سلامة الأرض حتى نظل آمنين أيضًا، حيث تؤكد: “أعتقد أن كل شيء مرتبط وينتقل إلى الآخر بشكل ما، فمثلاً إذا قامت سمكة بأكل البلاستيك ثم تناولت أنت السمكة، ألا يعني هذا أنك قد أكلت البلاستيك أيضًا!، من المهم جدًا أن ندرك المعجزات والنعم التي أرسلها الله إلينا على الأرض ونقدرهم ونستمد قوتنا منهم “.
يرى أغلبية الناس أزمة الاستدامة من منظور شديد التعقيد، إلا أن أروى جودة لها رؤية شخصية مختلفة قابلة للتنفيذ بسهولة، وهي الإيمان بأن الحد الأدني ضروري، وأن فعل بسيط من كل شخص، سيؤدي إلى أن نحقق جميعاً تأثيراً كبيراً، وتقول: ” ما أتمناه هو أن يمارس الناس أنشطة صغيرة تتوافق مع الحفاظ على البيئة كجزء من روتين حياتهم اليومية، لأنهم يجب أن يدركوا أن أمراً بسيطاً مثل إغلاق المياه عند تنظيف الأسنان بالفرشاة، والتخلص من الأكياس البلاستيك في سلة المهملات المخصصة لإعادة التدوير وليس في صندوق القمامة المجمع، وغيرهم من التصرفات، مهم جداً ويمكن أن يحدث تغييراً في نهاية الأمر”.
تصف أروى جودة التواصل مع الطبيعة بأنها عودة إلى القواعد، حيث تلجأ إليها للاستراحة من العمل والتوتر، وتجد ملاذها في أماكن غير مزدحمة أو ملوثة، تمنحها فرصة التحدث مع ذاتها، وتؤكد أروى: “ليس سهلاً أن تنال فرصة الإنفراد بنفسك، ومقاومة الرغبة في إمساك هاتفك المحمول أو إيجاد الراحة بالإنشغال في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي أو التحدث مع الآخرين، عادة أبذل مجهود كبير في التخلص من كل الأشياء التي تربطني بالعالم الخارجي، وحينها أستطيع قضاء وقتي في القراءة أو ممارسة الرياضة “.
وتضيف أروى جودة: “العمل مع الطبيعة يمنحني السلام، فأنا أجد نفسي دائمًا أنظف الشاطئ أثناء المشي، وأشعر حينها كأنني أنظف منزلي، وأعتقد أن كل شخص يمكنه أن يحدث فرقًا، ويساعد بشكل كبير في كل مرة يزيل فيها حتى ولو كيساً بلاستيكياً واحدًا، وفي كثير من الأحيان أشعر أن هذا التطهير إمتد ليشمل نفسي الداخلية، لأن الله أعطانا الهدايا الأكثر قيمة على الإطلاق؛ ومع ذلك، بسبب وتيرة الحياة والتكنولوجيا السريعة، ينتهي بنا الأمر بالتشتت والابتعاد عن أكثر الأشياء الثمينة في الحياة “.
باختيارها الدخول إلى دائرة هذا المجال الصعب، قررت أروى جودة اتباع نظام معين للحفاظ على ترتيب أولوياتها، واستطاعت أن تتقمص منذ بدايتها السينمائية عام 2006 ، أكثر من 20 شخصية مختلفة أمام الكاميرات، حتى أصبحت واحدة من أهم المواهب المطلوبة في المنطقة، كما أنها تُقدر بشدة وقتها خارج مواقع التصوير – وغالبًا ما تحرص على تطوير نفسها استعدادًا للتجربة الفنية القادمة، وتقول بابتسامة صادقة: “عندما لا أكون أمام الكاميرا، أرغب في انتهاز هذه الفرصة للعمل على نفسي، حيث أركز على تصحيح طريقة تناولي للأكل، والتواصل مع نفسي داخلياً، والتأمل، والتفكير في كل ما مررت به والتعلم منه، لأنه حتى يمكنك إتقان أدوارك أثناء التمثيل، لابد أن تتعلم الكثير عن نفسك وعن الآخرين، ولتقديم أفضل أداء لديك؛ يجب أن تتواصل مع نفسك ومع الآخرين، وفي رأيي أن الوقت الذي يقضيه الممثلون بمفردهم لابد أن يكون لتعلم أشياء جديدة أو التفكير في المحيط الخاص بهم”.
