تختلف معايير الجمال من مكان ووقت لآخر، ولكن السعي إلى الجمال طموحاُ لا تغيره أي ظروف، بل ربما إزدادت شعبية عمليات التجميل والإقبال عليها من كلا الجنسين في الفترة الأخيرة بهدف الشعور بالثقة والرضا عن المظهر، خاصة مع الضغط الذي يتعرضون له من خلال صور المشاهير عبر الإنترنت وشاشات التليفزيون والإعلانات، التي تروج للجمال المثالي.
الشكل من أهم العوامل لإنطباع أول جيد، ومع ظهور العديد من التقنيات الحديثة أصبحت عمليات التجميل من أكثر الجراحات المنتشرة في العالم، رغم أن المبالغة في إجراءها دون ضرورة قد يظل سبباً لمخاطر صحية كثيرة. ويعتبر الدكتور حسين أبو رمان، أخصائي جراحة التجميل والترميم والحروق، أن أهم الشروط التي يجب أن تتوفر في طبيب التجميل هي أن يكون صادقاً مع المريض، ولا يتسرع في إجراء جراحات غير ضرورية لا يدرك المريض سلبياتها ومضاعفاتها، وفي حواره مع سول العربية، عرفنا منه أكثر الجراحات التي يقبل عليها المرضى، ولماذا تتجه بعض العمليات للأسوأ في بعض الأحيان مسببة أذى للمريض من الصعب إصلاحة.
سول العربيّة: لماذا اخترت هذا المجال؟
حسين أبو رمان: التجميل كان حلم بالنسبة لي من البداية، أحببته منذ دراستى بالجامعه ورأيت نفسي فيه وجذبتني جداً دراسة علم التشريح وتفاصيل جسم الإنسان، وبعدما إلتحقت بالجامعة تعرفت بشكل أكبر على هذا المجال الواسع وكيف أنه يرتبط بكل التخصصات الطبية الأخرى مثل العظام والأعصاب والأذن والأنف، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يغطى علم الأورام والترميم والجانب التجميلى فيما يخص الحروق.
سول العربيّة: في حالة رغبة المريض تغيير مظهره بالجراحة، كيف تحدد ما اذا كان يحتاج إلى تجميل أم لا؟
حسين أبو رمان: إذا طلب المريض شىء منطقى يناسب طبيعة جسمة، أقوم بإجراء العملية الجراحية له، أما في حالة أن ما يرغب في تغييره غير مناسب، أرفض إجراء الجراحة وأوضح له أن النتيجة في النهاية لن تكون مُرضية بالنسبة له وليست كما يتخيلها، فأحياناً يقتنع المريض بالتجميل بناءاً على شيء رآه وأعجبه وتخيله فقط، ولكن الأمر على أرض الواقع يخضع لأشياء كثيرة حيث ترتبط النتيجة بطبيعة جسم وجلد المريض وتفاصيل أخرى كثيرة، لذا أشرح دائماً وجهة نظري كطبيب باستفاضة كبيرة وأوضح الأمر للمريض تماماً.
سول العربيّة: وهل ترفض اجراء الجراحة لبعض المرضى، وما هى الأسباب ؟
حسين أبو رمان: تقريباً من بين كل عشر عمليات أقبل إجراء سبع عمليات منهم، وأرفض ثلاث، وغالباً يرجع السبب إلى أن طلبات المرضى تكون غير واقعية، مثل سيدة ترغب في تغيير شكل أنفها المستدير ليشبه أنف موديل روسية، وهو شيء مستحيل أن يتحقق لأن لكل جنس بشري طبيعة مختلفة عن الآخر وهيكل الوجه يكون مختلف أيضاً، وهو ما سيؤثؤ على نتيجة الجراحة، ولن تصل للشكل المطلوب، لذا فالأفضل أن تظل على طبيعتها.
سول العربيّة: ما هي أهم عمليات التجميل التى قمت بها؟
حسين أبو رمان: عمليات الزراعة، ونسميهم في مجال طب التجميل بالترميم، مثل إعادة زراعة الأصابع لمن فقدوا أطرافهم في حوادث أو إصابات أثناء العمل، وهي عمليات صعبة ودقيقة جداً، ومعظمها تكون في الأيدي، وتُعتبر إعادة زرع الأطراف تحدي كبير لأن العملية تستغرق ما يقرب من 7 إلى 8 ساعات، بينما تظل فيها مخاطرة حيث يمكن أن يموت الإصبع، خاصة أن المريض يكون في حالة نفسية سيئة، وهو ما يشكل ضغطاً على الطبيب.
وهذا هو السبب في أن الحالة النفسية عامل مهم في عمليات الترميم، لأن المريض يأمل دائماً أن يعود كما كان، وبغض النظر عن هذه الجراحات فنسبة نجاح عمليات التجميل العادية تصل إلى90 %، لأنه يحدث أحياناً بطيء في إلتئام الجروح تبعاً لطبيعة كل جسم وطريقة تفاعله، لذا فهي نسبة ممتازة، وتكون بالطبع أقل في عمليات الترميم.
سول العربيّة: في رأيك، ما هى الأشياء التى يجب أن تتوفر في طبيب التجميل ؟
حسين أبو رمان: أن يكون صادقاً مع المريض، ويوضح له ما يستطيع القيام به وما لا يقدر عليه، ولابد أيضاً أن يتأكد من وصول المعلومة بشكل صحيح للمريض، ويعيدها أكثر من مرة، خاصة فيما يتعلق بنتائج العملية ومضاعفاتها، بالإضافة إلى أن الطبيب يجب أن يعطي المريض وقتاً كافياً للتفكير في كل ما يقوله ولا يستعجل إجراء الجراحة.
سول العربيّة: التجميل حاليا، ضرورة أم أصبح أكثر منه رفاهية؟
حسين أبو رمان: في السنوات الماضية كان إجراء التجميل للضرروة فقط، أما الآن فكل فتاة تنتهي من مرحلة المدرسة تطلب تجميل أنفها قبل أن تدخل الجامعة!
لذلك أصبح التجميل شبه ضروروة ، وهو ما يجعلنا نطلب دائماً من أطباء التجميل الذين في بداية عملهم أن يقوموا بإجراء العملية للمرضى الذين يصرون على إجراء التجميل بشكل مُلح، لأنهم في هذه الحالة لن يتوقفوا محاولة الوصول لهدفهم، مما قد يعرضهم لمزيد من المشاكل من خلال اللجوء إلى غير المتخصصين، خاصة أن السوق انفتح جداً وأصبحت عمليات التجميل يتم إجراءها بشكل غير سليم مثلما يحدث في عمان حيث يتم حقن إبر البوتوكس والفيلر بالمراكز والصالونات بشكل غير سليم.
سول العربية: ما السبب في لجوء المرضى لأماكن غير متخصصة؟ وهل تعتبر علميات التجميل باهظة التكاليف؟
حسين أبو رمان: هناك إعتقاد سائد بأن عمليات التجميل مربحة وسهلة، ولكنه في الحقيقة مجال دقيق جداً يقوم فيه الطبيب بمراحل كثيرة، كما أن المريض يبحث عن الأسعار الأقل، لذا تنتهي بعض هذه العمليات بشكل خاطئ ونضطر لإعادة تصحيح كثير من الجراحات، وتكون المهمة أصعب في هذه الحالة سواء بسبب قص الجلد بشكل كبير أو التسبب في ضرر لغضاريف الأنف أو حقن الجسم بمواد لا يجب استخدامها.
ونحن كأطباء تجميل لدينا أسس وقواعد نتبعها للوصول إلى أفضل النتائج، أهمهم أننا لا نعمل بمبدأ المنافسة، حيث ينصح الأطباء المرضي بزيارة طبيب آخر إذا لم يتكن الحالة في مجال تخصصة، حتى يحصل المريض على أفضل نتيجة ممكنة، وللحفاظ على سمعة جراحي التجميل، أما بالنسبة إلى التكلفة فهي مكلفة في المنطقة العربية، ولكن أسعارها ليست مرتفعة جداً مقارنة بدول أخرى مثل أمريكا وبريطانيا وأوروبا.
سول العربية: ما هى أكثر العمليات التى تطلبها السيدات اليوم ؟
حسين أبو رمان: عمليات شفط الدهون وتجميل الأنف ثم تكبير الثدي.
سول العربية: هل يشترط وزن معين لإجراء عمليات شفط الدهون؟
حسين أبو رمان: شفط الدهون يتم بناء على الوزن والطول، إذا كان المريض قريب من الوزن المثالى يمكن إجراء عملية الشفط، حيث يمكن شفط حتى 6 ليترات من الدهون حتى لا يتعرض لخطر المضاعفات، لذا ننصح المريض بإتباع حمية غذائية أو رياضة لإنقاص الوزن أولاً حتى يصل للوزن المناسب لعملية الشفط، وإذا زاد الوزن عن 100 كيلو فالأفضل إجراء عمليات قص المعدة أو تحويل المسار.
ويعتمد شفط الدهون على تقليل الوزن ولكن دون مراعاة التفاصيل الصغيرة، بينما نحت الجسم يهتم بإظهار الخطوط الخاصة، مثل الخط بمنتصف البطن ، والخطين على الجنبين.
سول العربيّة: ما هى أحدث التقنيات فى مجال التجميل؟
حسين أبو رمان: شفط الدهون باستخدام جهاز الفيزر، والأجهزة التي تساعد على شد الجلد بالحرارة بعد شفط الدهون، ويوجد منها أيضاً للوجه، حيث تساعد الحرارة على شد أنسجتة، لتعطي نتائج جيدة ومُرضية للمريض بنسبة 40% دون إجراء جراحة، ولكن بالطبع تظل الجراحة صاحبة أفضل النتائج.
سول العربية: لم يعد التجميل يقتصر على النساء. ما هى أكثر العمليات التى يُقبل عليها الرجال ؟
حسين أبو رمان: يتجه معظم الشباب لإجراء عمليات شفط الدهون أو النحت، والتثدي، ثم عمليات تجميل الأنف بالإضافة إلى الأذُن.
سول العربية: هل أصبح هناك ما يُعتبر هوسًا بعمليات التجميل ؟
حسين أبو رمان: أرى مثل هذه الحالات بالفعل وتحدث عندما يُجري الطبيب جراحة ناجحة جداً ونتائجها جيدة تنال إعجاب المريض، فيصبح لديه ثقة عمياء بالطبيب، مما يحفزة على إجراء المزيد من الجرحات، وهنا يتحول الامر إلى هوس، لذا من واجب الطبيب أن يحذر مرضاه إذا خرج الأمر عن نطاق المعقول.
سول العربية: ما السبب فى أن بعض عمليات التجميل تأخذ منحى خاطئا وتكون النتيجة غير مرغوب فيها؟
حسين أبو رمان: غالباً يكون بسبب خطأ فى الفهم أو التواصل بين الطبيب والمريض، حينما لا يقدر أحدهما على توصيل رسالته أو توضيحها، وأحياناً بسبب عدم اهتمام الطبيب بمعرفة كل التفاصيل، أو سوء فهم غير مقصود.
سول العربية: هل ترى أن هناك عامل نفسي يتحكم في حاجة المريض لعمليات التجميل ؟
حسين أبو رمان: بحكم خبرتى أرى أن المريض الذي يتمتع بروح “حلوه” تكون نتيجة جراحته جيدة لأنه يكون متحمساً ومتفائلاً، أما المريض المتشكك فلا أقبل العمل معه، لأنه بغض النظر عن النتيجة لن يكون راضياً عنها، لذا يحاول أطباء التجميل دائماً أن يختارو المريض “الصح” للعملية “الصح”. كما أنه توجد بعد الحالات التي ترغب في إجراء جراحة تجميلية بعد التعرض لأزمة عاطفية أو لأنه يعتقد أنها سيكون لها تأثير على مجال عمله لذا فالعامل النفسي يتحكم بشكل كبير في رغبة المريض في إجراء التجميل
سول العربية: بماذا تنصح مرضاك بعد عمليات التجميل؟
حسين أبو رمان: أهم نصيحة هي الامتناع عن التدخين، لأنه يكون مضراً جداً بعد إجراء عمليات التجميل، ويطلب الطبيب من المريض التوقف عن التدخين قبل الجراحة بثلالثة اسابيع على الأقل، والنصيحة الثانية هي الراحة بعد العملية للعناية بالجروح بشكل مناسب وعدم التعرض لأي ضغوط أو عوامل قد تضر بالنتيجة أو تؤثر عليها.